السبت، 31 ديسمبر 2016

القطعة المتحفية وقراءة جديدة

القطعة المتحفية وقراءة جديدة

اعتدنا لسنوات  طويلة ان ننظر إلى  القطع المتحفية نظرة مجردة  من  قيمتها الحقيقية التي صنعت من اجلها  , نزور المتحف ونرى القطع وضعت في فتارين العرض مكتوب امامها  مادة الصنع وتاريخ القطعة ورقم حفظها بالمتحف  واسم المكان الذي اكتشفت فية ووصف  تفصيلي لكل ما يمكن ان نراه بالعين المجردة .
وفي دراستنا لعلم المتاحف فتح المجال لرؤية جديدة للمقتنيات المتحفية وكيفية  معرفة الهوية والقيمة التي تحملها القطعة بشكل فلسفي ومحاولة ربطها بحياتنا اليومية , وكان لدكتور اسامة عبدالمجيد الفضل في خلق تلك الرؤية الجديدة  في دراسة فلسفة المتاحف  والثقافة المادية فأصبحنا اليوم كمتخصصي متاحف  نمتلك عين ترى جوهر وقيمة القطعة مجردة من الوصف التقليدي الذي يستيطع ان يراه الزار بالعين المجردة ويأتي دورنا كمتحفين في نقل تلك الرؤية للجمهور لخلق جسور من التواصل الثقافي بين تراث الماضي والحاضر .
دعونا ننظر لتلك القطعة  فالوصف التقليدي . هو طبق على شكل مركب بداخلة انسان في وضع جنيني  ويؤرخ بفترة ماقبل الاسرت  " قبل عصر التوحيد " حضارة  نقادة II  مكتشف في اسيوط ومحفوظ بمتحف ليدن .
       

RMO Leiden (acc no F 1962/12.1


والوضع الجنيني لدفن المتوفى في فترة ماقبل التاريخ  يوجد له العديد من التفسيرات:
-         منها ضيق حفرة الدفن .
-         يمثل وضع النوم حيث اعتبر الموت مثل النوم مرحلة مؤقتة للعودة للحياة مرة اخرى وخاصة ان عقيدة  المصرين هي الخلود . ربما فكرة البعث  بعد الموت  توصل لها  الانسان  القديم عندما كان  يرى في احلامة الموتى ويتحدث معهم كما يحدث معنا اليوم ان نقابل الموتى ونتحدث معهم , وربما اوحت له هذه الاحلام ومقابلة الموتى انهم  بعثوا احياء في مكان اخر  ومن  هنا جاءت فكرة العالم الاخر والبعث من الموت .
-         هناك رأي اخر عن الوضع الجنيني وهو تصور الانسان القديم لوضع الطفل في بطن الام والذي سوف يأتي به للحياة , وفضل الدفن بهذا الوضع واعتبر الارض هي الرحم الذي سوف يولد منه مرة اخرى . وهذا الرأي قابل الرفض لانة كيف له ان يعرف وضع الجنين في بطن الام . ولكن ربما ملاحظة الطفل في الشهور الاولى بعد الولادة يكون بمثل وضعه داخل رحم الام .

رؤية جديدة للقطعة

طبق على شكل مركب والمراكب هي وسيلة التنقل الأساسية للمصرين الذين عاشوا على ضفاف النيل منذ فترة مبكرة من التاريخ , والمركب هي الوسيلة الاساسية ايضاً لنقلة  إلى  السماء في العالم الأخر والذي صور بكثير من التفاصيل على البرديات في  عصور التاريخية .
على عنق نهاية الطبق يوجد فتحة تمثل فتحة الرحم وعلى قمة الفتحة يوجد نحت لضفدع وهو رمز المعبودة  حقت مبعودة الولادة والخصوبة  في العقيدة المصرية القديمة .




الفنان هنا جسد المركب في فكرتين الاولى الشكل المجرد الذي نراه كباحثين ونقول انه مركب لنقل المتوفى في العالم الاخر , والفكرة الثانية الاكثر عمقاً وفلسفة ان المركب هو رحم الام الذي سوف يلدة مرة اخرى وعلى العنق يوجد حقت معبودة الولادة . والشكل يمثل الجنين ماقبل الولادة مباشرة .
بالنظر لصور السونار الحديثة  نرى ان الطفل قبل ساعات من الولادة يكون بهذا الشكل تماماً

  

ونلاحظ ايضا ان شكل المركب ياخذ شكل تمدد الرحم مع وضع الطفل .

سونار باعي الابعاد , لاحظ شكل الجنين والرحم .
  وفي النهاية  نريد القول انة لابد من اعادة  كتابة للقطع المتحفية بشكل قصصي وربط تراثي قائم على اساس علمي , حتى يقبل الجمهور على زيارة المتاحف عند توافر المادة العلمية المكتوبة بشكل يربط الزائر بمقتنيات المتحف وتراثة وحياتة اليومية .

بقلم : نجوى بكر

الجمعة، 16 ديسمبر 2016

عروسة المولد بين التراث والحاضر

عروسة المولد بين التراث والحاضر.
حكايات من التراث الشفاهي
لسنوات طويلة  من الثمينيات وحتى اوائل تسعينيات القرن الماضي كنا كأطفال  ننتظراحتفال المولد النبوي من أجل الهدايا التي تمثلت في عروسة المولد او العروسة الحلوى او كما يطلق عليها البعض العروسة السكر , وكانت ذات لون احمر , تبهرنا طبقات المراوح من ورق الكوريشة بألوان براقة تعلو رأسها , والفستان ذو الالوان المفضضة والمبهجة والصبغات على الوجنبتين والشفاة وكانت هدايا الفتيات , وكذلك كانت هدايا العرسان فكان الخطيب يهدي خطيبتة عروسة من الحلوى ذات حجم كبير وتحتفظ بيها الخطيبة وتصطحبها إلى بيت الزوجية وتضعها في مكان مكشوف حتى يراها الجميع .
بينما الصبية كانت هداياهم الفارس على الحصان ويحمل سيف من الحلوى ذات لون ابيض ومزخرف بأوراق براقة وعلم مصر القديم الهلال وثلاث نجوم , واحيانا كان  يهدى جمل او سفينة  .
كان عمرالعروسة  قصير, بعد  اقل من اسبوعين وتنكسر بعد اللعب بيها ومن هنا تبدء مرحلة ثانية من اعادة تدوير خامة العروسة , فكانت تقوم الامهات او الجدات في اذابة العروسة في المياة مع النشا وتصنع اطباق المهلبية .
مع منتصف التسعينات قل ظهور هذه الحلوى الشعبية , ومع اواخر التسعينات اكتسحت العروسة الصيني هذا الأحتفال الشعبي , وهي عروسة بلاستيكية ذات ملابس من التلي الابيض وقطع اكسسورات للزخرفة وايضاً اصبحت عرف على الخطيب في هذه المناسبة ان يشتري العروسة الصيني  للخطيبة , حجم العروس والفستان والزخرفة في المفهوم الشعبي حالياً يظهر مدى تقدير الخطيب لخطيبتة وقدرتة المالية , وقد تحدث الكثير من المشاكل التي تؤدي الى انهاء الخطبة احيانا بسبب عدم شراء هدية العروس الصينية
ظهرت  النستولوجيا "الحنين للماضي" و انتشرت في المجتمع المصري من بعد احداث ثورة يناير وتوسع استخدم وسائل التواصل الأجتماعي وبدء  البحث عن كل ماهو مرتبط بالتراث من اغاني وصور واكلات وعادات , يبحث الجميع عن كل ماهو ماضي ولة جذور كنوع من اعادة احياء للثقافة والهوية . قررت بمناسبة المولد النبوي ان ابحث عن العروسة  الحلوى القديمة  , وفي سرادق السيدة زينب حيث استعدت المنطقة للأحتفال بالمولد النبوي والذي يوافق يوم الاحد  12 من رييع الاول سنة 1438 هجرية, 11 ديسمبر 2016 ميلادية, زينت السرادق بالأضاءة والحلوى المتنوعة وهناك وجدت العديد من العرائس الحلوى البيضاء اللون والمزينة بالمرواح وكذلك الحصان باحجام مختلفة واسعار تبدء من 4 جنيهات وحتى 80 جنيهاً حسب حجم العروسة او الحصان وطبقات ورق الزينة .
 اشتريت عروسة وحصان وسئلت عن العرائس ذات اللون الأحمر, فكانت اجابة صاحب المحل ان اللي نازل منها الابيض فقط , ورغم ارتفاع اسعار السكر , لكن مع ارتفاع سعر العروسة الصيني , بدء يرجع الاقبال والسؤال مرة اخرى على العروسة الحلوى ولذلك نجدها كثيراً هذا العام .

سرادق لبيع حلوى وعروسة المولد الحلوى والصيني  بالسيدة زينب
 بدأت رحلة البحث عن العروسة واماكن التصنيع , في منطقة باب البحر التي تقع بين باب الشعرية وشارع كلوت بك بأول الفجالة والقريبة من سكك حديد مصر ,  هنا كانت الدارسة الميداينة حيث تم مقابلة اصحاب المصانع التي تقوم بأنتاج عروسة المولد الحلوى .
كان الحوار مع الحاج على فرج العربي . عائلة العربي , متوارث المهنة اب عن جد عن جد يعملون في المهنة من اكتر من 150 سنة , في مدخل المصنع رصت العديد من الاقفاص التي تحوى عرائس واحصنة وجمال ذات احجام مختلفة .

ذكر الحاج علي ان هذه المنطقة منذ القدم هي منطقة صناعة حلويات الحمص والملبن والسمسمية  , ومع انشاء محطة مصر, كان زوار المولد من الأرياف والصعيد يأتون من الباب الحديد على باب البحر على باب الشعرية على المعز على مولد الحسين وفي رحلة رجوعهم كان يتم شراء الحلويات من الشارع ويعودون اسرهم .

تاريخ المهنة
عن المهنة ذكر الحاج محمد ان المهنة لايستطيع ان يمارسها أو يبدأها شخص حديث لان المهنة متوارثة منذ القدم ولايستيطع القيام بها إلا اصحابها وخاصة ان القوالب خشبية المحفورة بشكل فني رائع قد اختفى او انقرض من يقوم بتصميمها , وبذلك فأن القوالب الموجودة حالياً متوارثة من الاجداد ولا يتم انتاج قوالب جديدة اليوم لان اصحاب حرفة حفر القوالب في الخشب ماتوا وانتهت الحرفة مع موتهم واخر قوالب تم انتاجها كان في الثمينيات  .
قصة عروسة المولد.
يقول صاحب المصنع ان هناك قصة مرتبطة بالعروسة الحلوى وهي ان المعز لدين الله الفاطمي كان متزوج من سيدة جميلة وجزيلة العطاء جداً وكانت في المولد النبوي تمشي في الشوارع و توزع الهبات على الفقراء , وكان في  قصر المعز ديوان الحلوى بينتج حلويات  , وكانت زوجتة محبوبة جداً لكرمها و اكراماً وحباً فيها  تم صنع العروسة تمثيلاً لها .
وفي الرواية التاريخية يذكر ان الحاكم بأمر الله كان يحب احدى زوجاتة كثيراً وفي احدى احتفالات المولد النبوي والتي انتشرت في مصر مع الحكم الفاطمي اصطحب زوجتة في الشارع وعندما شاهدها العامة انبهروا بجمالها وملابسها فقاموا بتصميم عروسة حلوى لها .
وعن العروسة ذات اللون الاحمر , ذكر صاحب المصنع انها  كانت بتصنع في الأرياف وكان اللون الأحمر بديل  عن تزويق العروسة  بفستان الوان , و كانت العروسة  في الاول بتنزل على طبق فخار , وكانت بيضاء بدون اي تزويق , وبعدين اصبحت ذات لون احمر, ثم اختفى الطبق الفخار , وبعدين نزلت العروسة البيضاء المزينة بالورق الكوريشة والورق الملون.

عروسة حمراء من اسيوط

قصة الفارس والحصان
عن الحلوى الفارس على الحصان الذي كان يلفت انتباه كل الأطفال وخاصة الأولاد ,  في الرواية الشفاهية في باب البحر قال احد العاملين بالمصنع  انه كان هناك فتوحات اسلامية كثيرة وبعدها يرجع الفرسان على الأحصنة حاملين سيوف الأنتصار فصمموا لهم احصنة من الحلوى كنوع من التقدير .
تذكر الرواية التاريخية ان قصة الحصان الحلوى تعود إلى العصر الفاطمى، وتحديداً فى عهد الحاكم بأمر الله، الذى قرر منع كل الاحتفالات، ومنها احتفالات الزواج فيما عدا الاحتفال بالمولد النبوى، الأمر الذى جعل المصريين يحتفلون بالزفاف فى ذكرى المولد النبوى الشريف، وصنعوا قوالب الحلويات المناسبة لهذا الاحتفال، ومنها كان الفارس، الذى يمتطى حصانه ليذهب إلى منزل عروسته ليعود بها إلى بيتهما الجديد , وحتى ثمينيات القرن الماضي كانت تتم احتفالات الزواج في ارياف مصرمع  احتفالات المولد النبوي وكان العريس يمتطي حصاناً .
مراحل الصناعة
يتم صهرالسكر في اواني نحاسية كبيرة حتى يصل لدرجة غليان في  حوال 20-30 دقيقة



ثم يتم صب السكر المنصهر الذائب في قوالب منحوتة بأشكال مختلفة وهذه القوالب تنقع في المياة لفترات طويلة حتى تشبع المسام بالمياة وعند صب السكر تنفصل القشرة داخل القالب ويتكون الشكل بدون ان يلتصق بالخشب .

قالب خشب منحوت على شكل فارس على حصان والمنتج بعد التكوين


قالب من الحشب منحوت على شكل عروسة


مرحلة الصب في القوالب الخشبية

الأعداد لمرحلة فتح القالب وتعتمد هنا على السرعة والمهارة لأخراج الشكل بدون كسره



مرحلة تزين العروسة بالورق الكورشية والورق المفضض ويشارك في هذه المرحلة نساء ورجال
      
   





وعن الأشكال الأخرى التي كانت تصنع في المولد النبوي , ذكروا ان السفينة كانت موجودة قديماً , وشكل الجامع , ومع شهرة شخصية شكوكو كممثل شعبي محبوب قام نحاتين القوالب  بنحت شكل شكوكو في قالب خشبي وتصنع له حلوة وكان بيظهر في المولد النبوي ايضاً .
وعند السؤال عن الأقبال على شراء العروسة الحلوى , ذكر انة مازال في اقبال  عليها في المولد النبوي , ولكن يقل هذا الاقبال مع كساد الحالة الأقتصادي وارتفاع الأسعار.
ولايعتقد اصحاب المصانع ان عروسة المولد سوف تندثر في يوم من تراث الأحتفال بالمولد النبوي لأن في السنوات الاخيرة بدأت العودة مرة أخرى لشراء العروسة الحلوى وخاصة من اصحاب الطبقة العليا .
مع زيارة لمنطقة السيدة زينب واماكن بيع حلوى المولد النبوي نجد عودة قوية للعروسة الحلوى والتي تحمل تاريخيأ من الحكايات الشفاهية لدى صناعها وتاريخياً ممتد في القدم مرتبط بعادات المصرين وحبهم للأحتفالات .
 نجوى بكر

الأربعاء، 14 ديسمبر 2016

متحف النسيج

متحف النسيج بشارع المعز لدين الله الفاطمى
المتحف مفتوح للزائرين من الساعة 9 صباحا وحتى الساعة 5 مساءا
سعر تذكره الدخول 10 جنيهات للمصرى و 5 جنيهات للطالب
من من لا يعرف أهمية القطن المصرى؟
من منا لا يعرف ازدهار صناعة الغزل والنسيج فى مصر لعصور طويلة؟
بالطبع! فجميعا يعلم جودة واصالة القطن المصرى طويل التيلة الذى تسبب فى انتعاش الاقتصاد المصرى مسبقا.
نظرا لتلك الأهمية والمكانة التى يمتاز بها القطن المصرى قد اقيم المؤتمر الوطنى لدعم زراعة القطن والنهوض بزراعة الغزل والنسيج الى اوج مجدها. وذلك من خلال خطة عمل من الحكومة تهدف لانشاء 10 مناطق صناعية للنسيج على مدار 3 سنوات.
كما يمكننا ايضا من خلال المدونة ان نلقى بنظرة على تاريخ تطور صناعة الغزل والنسيج فى مصر وذلك من خلال متحف النيسج بداخل سبيل محمد على بشارع المعز.
كان هذا المتحف سبيل خاص بمحمد على والذى قام ببناؤه عام 1828 كصدقة جارية لابنه الذى توفى فى السودان آنذاك. فى عام 2010 تم تطوير هذا السبيل لكى يتم افتتاحه كمتحف بما لا يخل مع سمات السبيل المعمارية. ولقد اجريت عده تطويرات بعد ذلك على هذا المتحف ثم اعيد افتتاحه عام 2015 مرة ثانية.
المتحف مكون من طابقين واحدى عشر قاعة. تعرض المعروضات بداخل المتحف بتسلسل زمنى والذى يشمل النسيج بداية من العصر الفرعونى ومنتهيا باسرة محمد على.
المعروضات الموجودة بالمتحف هى بالاصل مجموعة معروضات مجلوبه من المتحف المصرى والمتحف القبطى والمتحف الاسلامى بالاضافة الى مجموعة من الحفائر المختلفة.

من امثلة الانشطة التى يقوم بها المتحف لتحقيق تواصل مجتمعى : - كرنفال زمان واقيم ذلك الكرنفال قبل شهر رمضان الماضى يوم 2-6 امام مقر المتحف. كما عقد المتحف فى شهر 3- 2016 احتفالية للام بالاضافة الى عقد معرض للفساتين العلوية والذى استمر لمدة 10 ايام. وفى يوم 18-5 كان اليوم العالمى للاحتفال بالمتاحف وفيه قام المتحف باجراء ورش فنيه للاطفال بالاضافة الى جولات إرشادية. ويقوم المتحف باستقطاب الشباب من خلال مجموعة انشطة مختلفة مثل مارسون العجل وانشطة لذوى الاحتياجات الخاصة.

تجرير:سوزان الشندي