القطعة المتحفية وقراءة جديدة
اعتدنا لسنوات طويلة ان ننظر إلى القطع المتحفية نظرة مجردة من
قيمتها الحقيقية التي صنعت من اجلها
, نزور المتحف ونرى القطع وضعت في فتارين العرض مكتوب امامها مادة الصنع وتاريخ القطعة ورقم حفظها
بالمتحف واسم المكان الذي اكتشفت فية
ووصف تفصيلي لكل ما يمكن ان نراه بالعين
المجردة .
وفي دراستنا لعلم المتاحف فتح المجال لرؤية جديدة للمقتنيات المتحفية
وكيفية معرفة الهوية والقيمة التي تحملها
القطعة بشكل فلسفي ومحاولة ربطها بحياتنا اليومية , وكان لدكتور اسامة عبدالمجيد
الفضل في خلق تلك الرؤية الجديدة في دراسة
فلسفة المتاحف والثقافة المادية فأصبحنا
اليوم كمتخصصي متاحف نمتلك عين ترى جوهر
وقيمة القطعة مجردة من الوصف التقليدي الذي يستيطع ان يراه الزار بالعين المجردة
ويأتي دورنا كمتحفين في نقل تلك الرؤية للجمهور لخلق جسور من التواصل الثقافي بين
تراث الماضي والحاضر .
دعونا ننظر لتلك القطعة فالوصف
التقليدي . هو طبق على شكل مركب بداخلة انسان في وضع جنيني ويؤرخ بفترة ماقبل الاسرت " قبل عصر التوحيد " حضارة نقادة II مكتشف في اسيوط ومحفوظ بمتحف
ليدن .
RMO Leiden (acc no F 1962/12.1
والوضع الجنيني لدفن المتوفى في فترة ماقبل التاريخ يوجد له العديد من التفسيرات:
-
منها ضيق حفرة الدفن .
-
يمثل وضع النوم حيث اعتبر الموت مثل النوم
مرحلة مؤقتة للعودة للحياة مرة اخرى وخاصة ان عقيدة المصرين هي الخلود . ربما فكرة البعث بعد الموت
توصل لها الانسان القديم عندما كان يرى في احلامة الموتى ويتحدث معهم كما يحدث
معنا اليوم ان نقابل الموتى ونتحدث معهم , وربما اوحت له هذه الاحلام ومقابلة
الموتى انهم بعثوا احياء في مكان اخر ومن
هنا جاءت فكرة العالم الاخر والبعث من الموت .
-
هناك رأي اخر عن الوضع الجنيني وهو تصور
الانسان القديم لوضع الطفل في بطن الام والذي سوف يأتي به للحياة , وفضل الدفن
بهذا الوضع واعتبر الارض هي الرحم الذي سوف يولد منه مرة اخرى . وهذا الرأي قابل
الرفض لانة كيف له ان يعرف وضع الجنين في بطن الام . ولكن ربما ملاحظة الطفل في
الشهور الاولى بعد الولادة يكون بمثل وضعه داخل رحم الام .
رؤية جديدة للقطعة
طبق على شكل مركب والمراكب هي وسيلة التنقل الأساسية للمصرين الذين عاشوا
على ضفاف النيل منذ فترة مبكرة من التاريخ , والمركب هي الوسيلة الاساسية ايضاً
لنقلة إلى السماء في العالم الأخر والذي صور بكثير من
التفاصيل على البرديات في عصور التاريخية
.
على عنق نهاية الطبق يوجد فتحة تمثل فتحة الرحم وعلى قمة الفتحة يوجد نحت لضفدع
وهو رمز المعبودة حقت مبعودة الولادة
والخصوبة في العقيدة المصرية القديمة .
الفنان هنا جسد المركب في فكرتين الاولى الشكل المجرد الذي نراه كباحثين
ونقول انه مركب لنقل المتوفى في العالم الاخر , والفكرة الثانية الاكثر عمقاً
وفلسفة ان المركب هو رحم الام الذي سوف يلدة مرة اخرى وعلى العنق يوجد حقت معبودة
الولادة . والشكل يمثل الجنين ماقبل الولادة مباشرة .
بالنظر لصور السونار الحديثة نرى
ان الطفل قبل ساعات من الولادة يكون بهذا الشكل تماماً
ونلاحظ ايضا ان شكل المركب ياخذ شكل تمدد الرحم مع وضع الطفل .
سونار باعي الابعاد , لاحظ شكل الجنين والرحم
.
وفي
النهاية نريد القول انة لابد من
اعادة كتابة للقطع المتحفية بشكل قصصي
وربط تراثي قائم على اساس علمي , حتى يقبل الجمهور على زيارة المتاحف عند توافر
المادة العلمية المكتوبة بشكل يربط الزائر بمقتنيات المتحف وتراثة وحياتة اليومية
.





ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق